كشفت صحيفة إسرائيلية عن أن أجهزة الاستخبارات المصرية وجّهت تحذيرًا عاجلًا إلى تل أبيب من “انفجار وشيك” في قطاع غزة، قبل نحو أسبوعين من هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته كتائب القسام، في تقرير أعاد فتح ملف الإخفاقات الاستخبارية والسياسية الإسرائيلية قبيل الهجوم.

 

تحذيرات مصرية صريحة قبل الهجوم

 

وزعمت صحيفة "إسرائيل اليوم" أنها حصلت على شهادات ومعلومات من شخصيات أمنية ودبلوماسية إسرائيلية، تفيد بأن القاهرة نقلت بالفعل تحذيرات حقيقية إلى الجانب الإسرائيلي بشأن تطورات خطيرة متوقعة خلال أسابيع قليلة، وهو ما تحقق لاحقًا مع اندلاع هجوم السابع من أكتوبر.

 

وأضاف التقرير أن التحذير المصري لم يكن غامضًا أو عابرًا، بل جرى “الصراخ به داخل الغرف المغلقة” في وزارة الخارجية الإسرائيلية ومجلس الأمن القومي قبل أسبوعين من وقوع ما وصفته الصحيفة بـ”الكارثة”. ووفقًا للرواية الإسرائيلية، وصل وفد مصري إلى وزارة الخارجية في تل أبيب وعقد لقاءات مباشرة مع مسؤولين في السلك الدبلوماسي، حذر خلالها بوضوح من أن “الوضع في غزة متفجر”.

 

ونقلت الصحيفة عن مصدر مصري رفيع المستوى قوله: “قلنا إن كل شيء قابل للانفجار”، موضحًا أن الجانب المصري أبلغ محاوريه بأن الأوضاع في غزة والضفة الغربية وصلت إلى درجة عالية من الخطورة، وقد تقود إلى تصعيد واسع النطاق.

 

انشغال داخلي إسرائيلي وتجاهل أمني

 

وبحسب التقرير، جاءت هذه التحذيرات في وقت كانت فيه إسرائيل غارقة في أزماتها الداخلية، وعلى رأسها الخلاف الحاد حول التعديلات القضائية، والجدل المجتمعي المتعلق بإقامة صلوات منفصلة في ساحة ديزنغوف بتل أبيب. وأشار المصدر المصري نفسه إلى أن الرد الإسرائيلي آنذاك كان مطمئنًا، إذ قيل للقاهرة إن “كل شيء على ما يرام”.

 

وزعمت الصحيفة أنها حصلت على تأكيدات من وزارة الخارجية الإسرائيلية بحدوث لقاءات فعلية مع الجانب المصري قبل 7 أكتوبر. كما نقلت عن مصادر داخل الوزارة وخارجها أن المسؤولين المصريين “لم يكونوا هادئين على الإطلاق”، بل سعوا إلى تمرير الرسائل التحذيرية مرارًا، مستندين إلى فهم عميق لتعقيدات قطاع غزة، وهو فهم قالت الصحيفة إنه فاق في تلك اللحظة تقديرات إسرائيل الأمنية.

 

طائرة استخباراتية وأسئلة بلا إجابات

 

وفي تفصيل لافت، تحدثت الصحيفة عن حادثة غامضة وقعت في 26 سبتمبر2023، حين هبطت طائرة تابعة للمخابرات المصرية في منطقة معزولة بمطار بن غوريون، وبقيت على المدرج لمدة ساعة واحدة فقط قبل أن تقلع عائدة إلى القاهرة. ووصفت الصحيفة المشهد بأنه أشبه برواية تجسس.

 

وبحسب مصادر مطلعة على بروتوكولات قوات العمليات الخاصة، جرى خلال تلك الساعة اجتماع عاجل على متن الطائرة. ولاحظ التقرير أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هانغبي، غاب في التوقيت نفسه عن احتفال رسمي بذكرى حرب 1973، وهو المسؤول الذي يفترض أن يكون على اتصال مباشر ودائم برئيس المخابرات المصرية عباس كامل. وامتنعت مؤسسة مجلس الأمن القومي عن التعليق على هذه الرواية.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن عباس كامل كان يحافظ على قنوات اتصال مفتوحة ومنتظمة مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم وزراء، وكان يدعم تطوير هذه العلاقات بشكل مستمر.

 

نتنياهو ومجلس الأمن القومي في دائرة التساؤل

 

ولم تقتصر التحذيرات، وفق التقرير، على وزارة الخارجية فقط، إذ أكد مصدران سياسيان إسرائيليان أن تحذيرًا مصريًا شديد اللهجة وصل أيضًا إلى جهاز “الشاباك”، وتناول “حدثًا جللًا” كان وشيك الوقوع. وهنا طرحت الصحيفة السؤال الأكثر حساسية: إلى أي مدى كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على علم بهذه التحذيرات؟

 

وتابعت الصحيفة أن المعلومات، وفق الشهادات، تدفقت إلى وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، وهو جهاز يتبع مباشرة لرئيس الوزراء ويرأسه مستشاره الشخصي، ومع ذلك استمر نتنياهو في الترويج لنهجه السياسي والأمني المعتاد دون تغيير يذكر. ونقلت عن مصادر مطلعة تأكيدها أنه “من المستحيل” ألا تكون هذه المعلومات الحساسة قد وصلت إلى رئيس الوزراء عبر القنوات الرسمية.

 

في المقابل، سارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى نفي تقرير "إسرائيل اليوم"، مؤكدة أنه “لم يكن هناك مثل هذا الاجتماع، ولم يتم تمرير مثل هذه المعلومات”، ووصفت أي رواية مخالفة بأنها “مزيفة وتخدم جهة مجهولة”. كما نفى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بدوره تلقي أي تحذير من مصر.

 

حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الخارجية المصرية بشأن ما ورد في التقرير الإسرائيلي، ما يترك الرواية معلقة بين نفي رسمي إسرائيلي وتسريبات صحفية تفتح باب التساؤلات مجددًا حول ما جرى تجاهله قبل السابع من أكتوبر.